أجر تفطير الصائم في رمضان شرع الله -سبحانه وتعالى- لعباده التعاون على كلّ خير، وخاصّة في رمضان؛ فكان من جملة ذلك الخير أن يُقدِمَ المسلم على تفطير أخيه الصائم؛ ابتغاء مرضاة الله -عزّ وجلّ-؛ فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا)،[١][٢] كما أنّ تفطير الصائم يُعَدّ من الجود الذي يتحلّى به المؤمن في رمضان؛ اقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وذلك كما ورد في الحديث الشريف: ( كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ )؛[٣] ففي ذلك استحباب أن يجود الإنسان ممّا أنعم الله به عليه، ويُشار إلى أنّ من الأعمال التي كان يتسابق عليها السلف تفطيرُ الصائمين، كفعل ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ إذ كان وهو يفطر مع أهله يأتيه السائل، فيأخذ نصيبه من الطعام ويعطيه إلى ذلك السائل، فإذا رجع إلى أهله، وجدهم قد أنهَوا طعامهم، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً بعد، واللافت أنّ مثل هذا العمل يزيد من الترابط والمحبّة والألفة بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى عظم الأجر المُترتّب عليه.[٤] مسائل مُتعلّقة بتفطير الصائم ما يحصل به تفطير الصائم ذهب أهل العلم إلى استحباب تفطير الصائم،[٥] وذلك بتقديم الطعام والشراب للصائم؛ ليفطر عليه؛ ابتغاءً للأجر والثواب من الله -سبحانه وتعالى-، وتطبيقاً لسُنّة النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-.[٦][٧] إلّا أنّهم اختلفوا في القَدر الذي يحصل به تفطير الصائم، وذلك على رأيَين، هما:[٨][٩] الرأي الأول: إنّ المراد بالتفطير هو إطعام الصائم ولو شيئاً يسيراً، كتمرة، أو شربة ماء، ونحوهما، إذ ينال به المسلم أجر تفطير الصائم، وهذا ما دلّت عليه ظاهر الأدلّة. الرأي الثاني: إنّ المراد بالتفطير هو إشباع الصائم؛ لأنّ هذا الذي ينفعه، وقد يستغني عن السحور بسببه، وإشباع الصائم يُقوّي جسده على العبادة، ويستغني به عن الطعام في تلك الليلة؛ فكان ذلك المقصود من تفطير الصائم. حُكم إطعام من أفطر في رمضان بغير عُذر عدّ أهل العلم الإفطار في رمضان بغير عذر كبيرة من كبائر الذنوب؛ فمن أفطر مع قدرته على أداء هذا الفرض، فقد ارتكب إثماً عظيماً، وخالف أمر الله -عزّ وجلّ-، ويُستثنى من هذا الحُكم من كان له عُذر شرعي بالإفطار، كمرض ونحوه، وما دام الإفطار في رمضان بغير عُذر مُحرّماً، فإنّ مساعدة الشخص على ذلك يكون حراماً، ويُلحق بمُرتكبه الإثم؛ لقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)؛[١٠] فالمساعدة على تفطير الصائم بغير عُذر تندرج تحت مُسمّى المعاونة على الإثم، إلّا أنّ مرتكبها لا يُعَدّ مُفطراً؛ إذ إنّ المعاونة على الإثم لا تُبطِل الصوم.[١١] حُكم تقديم الطعام إلى فاقد العقل في نهار رمضان اقتضت الحكمة الإلهيّة إسقاط الحُكم التكليفيّ عمّن فقد عقله، فإن زال العقل لم يكن فاقده مُحاسباً على ما فرضه الله -سبحانه وتعالى- على العقلاء؛ فلا يُحاسَب المجنون، أو الطفل، أو غيرهما ممّن فقد عقله، على صيام رمضان؛ فيجوز لهم الإفطار فيه، كما أُجِيز لغيرهم من المُكلَّفين تقديم ما يحصل به إفطارهم؛ من طعام، وشراب، ونحوهما، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (رفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عَن المَجنونِ المَغلوبِ على عَقْلِهِ حتى يَبْرَأَ، وعن النائِمِ حتى يَستيقِظَ، وعنِ الصبِيِّ حتى يَحْتَلِمَ).[١٢][١٣][١٤] حُكم الإفطار عند من اكتسب ماله من الحرام أمر الله -عزّ وجلّ- المسلمين بأن يسعَوا في طلب رزقهم، ويجتهدوا فيما أُبِيح لهم من أبواب الكسب المشروع، وحرَّم الكسب من طرق غير مشروعة، كالربا، أو أخذ المال بغير حقّ، أو غير ذلك، وفي حال تلقّي دعوة إلى الإفطار من قِبل شخص معروف بكَسبه الحرام، فقد جاز أن تُقبَل دعوته؛ إذ إنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قبل دعوة اليهود إلى الطعام مع وصف الله -عزّ وجلّ- لهم بأكلهم الربا، وأخذ أموال الناس بغير حقّ؛ فالكسب الحرام يعود بالإثم على الشخص نفسه لا على غيره، أمّا إن كان عدم قبول الدعوة زاجراً له عن تحصيل المال الحرام، فإنّ عدم قبول الدعوة يُعَدّ أفضل من قبولها.[١٥][١٦] للمزيد من التفاصيل حول طرق تحصيل الثواب في رمضان الاطّلاع على مقالة: ((طرق عمل الخير في رمضان)).